وصار العثور على حراث اصعب من العثور على وزير، فمنذ انطلاق ماراثون التشكيل الوزاري تنافرت فصائل وغضبت عشائر وزعلت مراكز قوى، والقى المستوزرون بأسمائهم عبر الأثير وشبكة النت لعل احدا يتذكرهم ويطرح اسماءهم ، فليس مهما في الحالة الفلسطينية الكفاءة والمقدرة لأن المنصب يتكيف حسب قدرات الوزير وليس العكس .
فالمستوزرون كثيرون، لكن في الوقت نفسه حدث أن خفت الأمطار لأول مرة وصرنا نبحث عن حراث بعد ان كلفني قص الأعشاب اكثر من 200 دينار هذه السنة على ثلاث فترات. وبحثنا عن حراثنا المعتاد فوجدناه مكسور الذراع أما شقيقه فترك الحرث وحصل على عمل في الداخل. وبحثنا عن تراكتور في قرى بيت ريما وديرغسانة وكفر الديك وكل يقول "بنحطك على الدور " وفي النهاية توسلنا ابا المنجد من كفر عين وقلنا له لقد جهزنا اشتال المزروعات الصيفية من فلفل وقرنبيط بلدي وبندورة وخيار وشمام وبطيخ للإستخدام البيتي، فإذا لم نزرع ذبلت وهناك امطار في منتصف الاسبوع ويصعب الحرث، وبعد جهد إقتنع ابو المنجد ان يحرث لي ساعة وبعض الساعة لأنه محجوز والناس على الدور وكان جواله لا ينقطع عن الرنين لكثرة المحتاجين للحراثة. وجاء ابو المنجد معتليا صهوة تراكتوره لأن البغل لا يستطيع الحرث حاليا لكثافة العشب ولأن اسعار البغال ارتفعت ايضا مثل الباذنجان والبصل. وهكذا عشنا زمنا صار فيه الحراث عملة نادرة اما العثور على وزير فبات سهلا، يكفي ان تصفر فيتقدم المستوزرون .
كان المزارع في عقود ماضية ينتقي من بين الحراثين الأفضل المزود ببغل ضخم وغير شموص، لأن للحراث وبغله مواصفات معينة يجب احترامها بعكس المستوزرين بلا مواصفات.
يحكى ان الفلكي الفيلسوف الشاعرعمرالخيام زار رفيق طفولته ملك شاه الذي صار حاكما فبثه الملك شكواه وقال له "إني اعاني من فقر في الرجال يا صديقي فلا وزير بقادر على تنفيذ مشاريعي الطموحة فهل تقبل ان تكون وزيري يا صديقي ". فرد الفلسوف "بالطبع لا لأنك يا مولاي تستطيع ان تجد 20 وزيرا يوميا لكنك لن تستطيع ان تجد فيلسوفا واحدا". وهذا بات حالنا تستطيع العثور على وزراء بكثرة ولا نستطيع العثور على حراثين وبغال.