بعد أن أبطل الكونغرس الأمريكي فيتو الرئيس باراك أوباما ضد قانون “العدالة ضد رعاة الإرهاب” الذي يسمح لعائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر مقاضاة الحكومة السعودية، أصبح السؤال المطروح، كيف سترد المملكة على القانون المثير للجدل.
ضغوط اقتصادية..
وتمتلك العربية السعودية “أدوات ضغط كبيرة من ضمنها تجميد الاتصالات الرسمية وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأميركي” الأمر الذي من شأنه أن يخلق مصاعب للسلطات الأمريكية، وهو ما أشارت إليه الصحيفة الأمريكية “نيويورك تايمز” في وقت سابق، عندما أكدت أن السعودية هددت بسحب نحو 750 مليار دولار من أمريكا في حال تفعيل قانون جاستا.
وتأتي هذه الأموال على شكل سندات خزانة وأصول أخرى في الولايات المتحدة، وأوردت وقتها الصحيفة الأمريكية أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أبلغ مشرعيين أمريكيين أن السعودية ستضطر لبيع تلك الأصول خشية تجميدها بأوامر قضائية.
ووفق تقارير إعلامية، تمتلك المملكة 96.5 مليار دولار في أصول تحت إدارة وزارة الخزانة تجعل منها المستثمر رقم 15 في لائحة مالكي أصول الخزانة الأميركية.
ومن المؤكد أن السعودية لن تعدم الوسيلة في الضغط ابتداء من النفط مروراً بشركات خاصة واستثمارات معلنة وغير معلنة إلى المشاريع السعودية الأمريكية المشتركة في دول العالم، والتي بات مصيرها يتأرجح مع تفعيل قانون جاستا.
ردود سياسية وأمنية..
كما يمكن للسعودية “إقناع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بالحذو حذوها واتباع سياستها التي قد تشمل تجميد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والاستثمار والسماح للقوات المسلحة الأميركية باستخدام قواعد المنطقة العسكرية”.
كذلك بات مصير التعاون بين دول الخليج وعلى رأسهم السعودية مع أمريكا في ملف مكافحة الإرهاب غامضاً، مع توقع احتمال زيادة وقوع هجمات إرهابية في بقاع عدة من العالم، مع عدم إغفال كم أوقفت الرياض وعواصم خليجية أخرى هجمات محتملة بفضل تعاونهم مع واشنطن.
ولا يمكن أن ننسى كذلك الملفات الشائكة في منطقة الشرق الأوسط ومدى انعكاسات قانون جاستا عليها، سواء في الملف السوري أو اليمني وباقي دول المنطقة.
ويمكن للسعودية أن تُحرك بالتعاون مع حلفائها حتى في أوروبا بعضاً من الملفات التي يمكن أن تستخدم ضد واشنطن وبذات السياق المعتمد في جاستا، وهو مربط الفرس الذي أثار مخاوف وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر عندما صرح بأن تفعيل جاستا يمكن أن يتسبب بمقاضاة أمريكيين بسبب أعمال خارجية تلقت الدعم من واشنطن.
تويتر..
وأثار تفعيل قانون جاستا ردود أفعال غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تصدر “هاشتاغ جاستا” قانون_جاستا تويتر، وعلق الكاتب الصحفي جمال خاشقجي على جاستا متهكماً: “بينما الاميركيون يرسلون ملايين الدولارات في صناديق الخشب الى ايران، ينوون مقاضاة السعودية على ملايين اخرى، مساءلة متعارضة، وتدل على تحولات الزمان بشكل مزعج”.
وأضاف في تغريدة أخرى ” لاأعرف ، اعتقد الان لا احد يعرف ، اصبح قانونا ، وبعد ايام سيتقدم احدهم رافعا قضية بمحكمة امريكية، حينها تبدأ العاصفة بالتشكل”.
فيما علق أحد المغردين على قانون جاستا بإشارته إلى ربط اليوان الصيني والريال السعودي مؤخراً، وتوجه المملكة إلى الاستعاضة عن الاقتصاد الأمريكي.
انعكاسات دولية
وتكمن خطورة قانون جاستا من أنه سيعيد صياغة العلاقات الدولية والمفاهيم الدبلوماسية من جديد، ولعل أهم أوجه ذلك قيام مواطنوا دولة بمقاضاة دولة أخرى على أفعال نُسبت إلى رعايا الأخيرة، وهي سابقة في مفاهيم القانون الدولي.
تجدر الإشارة إلى أن قانون جاستا جرى تمريره بعد أن صوت الكونغرس بقطبيه – مجلس الشيوخ والنواب- بأغلبية الثلثين لكل منهما على نقض الفيتو الذي استخدمه الرئيس الأمريكي باراك أوباما ضد مشروع قانون جاستا، في سابقة أولى طيلة ولايتي أوباما في الرئاسة الأمريكية.