الرئيسية / مقالات وتقارير
نهاية الولايات المتحدة الأميركية على يد كوريا الشمالية
تاريخ النشر: 14/02/2017
نهاية الولايات المتحدة الأميركية على يد كوريا الشمالية
نهاية الولايات المتحدة الأميركية على يد كوريا الشمالية

مع وصول رئيس جديد إلى البيت الأبيض بدأت عملية إعادة تقييم وبحث مشكلة كوريا الشمالية الشائكة. قال الرئيس السابق باراك أوباما للرئيس الجديد دونالد ترامب إنّ كوريا الشمالية تعدّ من أولويات تحدّيات أميركا الخارجية.

وهذه هي الحالة السائدة الآن بما أنّ كوريا الشمالية تتابع اختباراتها النووية واختبارات الصواريخ. وقد تعدّى محصول الاختبار النووي الأخير الذي قامت به كوريا الشمالية محصول الأسلحة التي استخدمتها الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية.

كما أنّ برنامج الدولة الصاروخي وصل إلى صواريخ بالستية تطلق من الغواصات، وقاذفات صواريخ متحرّكة وصواريخ بالستية عابرة للقارات. إذا عملت هذه المنصّات حقًّا، من الممكن أن تصبح كوريا الشمالية أوّل دولة تستطيع أن تضرب الولايات المتحدة الأميركية منذ الحرب الباردة أي منذ عقود. وبما أنّ شخصية دونالد ترامب تعتبر جانحة ومتفجرة أصبحت إمكانية حصول قتال أكبر من أي وقت مضى.

على الرغم من ذلك، يبدو أنّ كوريا الشمالية لن تدوم طويلا. يسمّي فيكتور شا كوريا الشمالية بـ "الدولة المستحيلة"، فاقتصادها ضعيف وشعبها يعي أنّ شعب كوريا الجنوبية يتمتّع بصحة أفضل وهو أغنى ويعيش حياة سعيدة. ومع أنّ النظام عنيف، فهو منسلخ عن شعبه ويخاف من أن يقوم بثورة. كما أنّ كوريا الشمالية تعتمد على الصين في التجارة المشروعة والتجارة غير المشروعة والخدمات المالية.

علاوة على ذلك، تقول التكهنات التي تعود إلى عقود ماضية إنّ سقوط كوريا الشمالية أصبح وشيكًا. كما يبدو أنّنا نحتاج إلى الحصول على الرصاصة السحرية الأخيرة للإطاحة بهذه الزومبي بشكل نهائي.

ولكن على الرغم من ذلك، كوريا الشمالية لا تسقط! حتّى إن انتهكت ما نعرفه في مجال العلوم السياسية والاقتصاد، لديها مصدرًا للقوة، ألا وهو القومية المتطرفة وإيمان حقيقي بعقيدة كيم واستعداد النظام للقيام بأي شيء للبقاء. وذلك يساعدها خلال الأزمات التي من شأنها أن تُسقط دولًا مماثلة. وتجدر الإشارة إلى أنّ كوريا الشمالية تخطّت نهاية الحرب الباردة، انقطاع المساعدة السوفييتية، موت مؤسس الدولة كيم إل سونغ، المجاعة في العام 1990، موت وريث مؤسس الدولة كيم جونغ إل، كما أنها تخطّت عقوبات الأمم المتحدة الأكثر تشددا.

وبما أنّ كوريا الشمالية تخطّت هذا كلّه، لن تمثّل أي من الأفكار المطروحة للتغيير الرصاصة السحرية. ويُذكر أنّ الأفكار المطروحة هي: تعقّب الأموال الكورية الشمالية في المصارف الصينية، تدفّقات المعلومات الداخلية، ضربات جوّية على مواقع الصواريخ وزيادة العقوبات. إضافة إلى ذلك، يجب مناقشة هذه الأفكار، ولكن بما أنّ النظام قد تخطّى كلّ التحديات التي واجهها حتى هذا التاريخ، علينا أن نعترف بأنّه باقٍ لوقت طويل.

في ضوء ذلك، يبدو أنّ الصبر الاستراتيجي الذي اتّبعته إدارة أوباما لم يكن سيئًا، فهي تعتبر أنّ الديمقراطيات الخارجية، خصوصًا كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة الأميركية، لا تستطيع القيام بالكثير من أجل الوصول إلى تغيير مسبق في كوريا الشمالية. إضافة إلى ذلك، إنّ وضع عقوبات، ضرب مواقع الصواريخ وإقفال منطقة كايسونغ الصناعية واتّخاذ إجراءات صارمة حيال علاقات كوريا الشمالية الدبلوماسية تعدّ ضرورية لعرقلة الدولة ببطئ ودفعها إلى الاعتماد الحصري على مناصرها الصيني. وكما تمّ عزل الاتحاد السوفييتي ببطء على الصعيد الدولي ممّا أدى إلى انهياره، يمكن أن يحصل الأمر عينه مع الأنظمة الديمقراطية في هذه الحرب الباردة.

ويقع العبء الأكبر على كوريا الجنوبية، التي ترغب في الحصول على الرصاصة السحرية بقوة، أي الحل الذي يسمح بأقل قدر من الاستياء المحلي. خلال السنوات الثمانية التي عشت فيها هنا، لطالما أدهشني حبي لكوريا الشمالية. فهي من جهة فاتنة. وكوريا الجنوبية لا تهاب كثيرًا كوريا الشمالية بعكس ما تبينه لنا القنوات الاخبارية الأميركية. بيد أن ما يزعجني كثيرًا هو اللامبالاة السائدة هناك. فتلاميذي ومعارفي لا يعلمون ماذا يفعلون في حال شنت كوريا الشمالية أي هجوم صاروخي. ولا أحد يعلم مكان الملاجئ أو يأخذ الدفاع المدني على محمل الجد.

وحين أقول لتلاميذي أنه عليهم الصعود الى أي من جبال كوريا للهرب من الاشعاع المحيطي في أعقاب ضربة نووية، ينظرون الي باندهاش لأنني أعلم هذه التفاصيل المرعبة. فالوجبات العسكرية تضمحل تدريجيًا بسبب تشويش الطبقية الاجتماعية. حين سعت الادارة السابقة الى فرض ضرائب موحدة للتحضير لتلك الأرجحية، انتفضت الأمة. ان منشقي كوريا الشمالية، الذي يمكن معرفتهم من لكنتهم، يعاملون بطريقة سيئة ونجدهم في قعر طبقة كوريا الشمالية الاجتماعية.

وقد شددت حكومة كوريا الجنوبية على أن تدفع الولايات المتحدة الأميركية تكاليف تركيب منظومة الدفاع الجوي الصاروخي في البلاد. أما التعاون مع اليابان من أجل كوريا الشمالية لا يزال يعتبر كتنازل لعدو وليس كتجميع حكيم للموارد ضد تهديد وجودي مشترك. فضلاً عن ذلك، تستمر كوريا الجنوبية بالانفاق أقل من ما يجب على الدفاع أي حوالى 2.5 % من الناتج المحلي الاجمالي.

لقد تأخرت كوريا الجنوبية منذ زمن طويل في الانخراط بطريقة أكثر جدية في قضية كوريا الشمالية، وتحصين نفسها لتربح نزاعًا مزعجًا، مكلفًا وممددًا، فمثلاً يمكن لكوريا الجنوبية أن تستثمر في الدفاع المدني. وحوالى 75% من شعبها يعيش فقط في 25% من مساحة أراضيها بسبب التضاريس الجبلية. مما يعني أن أي ضربات نووية أو صاروخية قد تكون مدمرة. هذا يعني أيضًا أن الحكومة أصبحت تأخذ أخيرًا مسألة اللامركزية بجدية، وذلك ليس فقط من أجل الانصاف الاقليمي المتداول غالبًا، بل أيضًا من أجل الأمن الوطني. فمنطقة Seoul-Gyeonggi-Incheon تحتوي الآن على 55% من شعب كوريا الجنوبية، وهي قلب الدولة في كافة المجالات، الا أنها تقع على الحدود مع كوريا الشمالية. وهذا استهتار كبير بما أن هذا التمركز الكبير يجعل كوريا الجنوبية معرضة بشكل كبير لضربة الاطاحة بالقيادة، نظرًا الى وقوع عاصمتها على أقل من خمسين ميلاً من الحدود، مما يضعها في ميدان المدفعية، من دون أن نذكر الميدان الصاروخي. وقد فات الآوان أيضًا على كوريا الجنوبية للتعلم من ألمانيا الغربية وتنقل عاصمتها.

وهذا القدر الأكبر من الأمن سيفتح خيارات الضربات المضادة بعد جعل استفزاز كوريا الشمالية أقل خطورة. وأخيرًا، على كوريا الجنوبية الأخذ بالاعتبار مسألة تجنيد النساء.

ونشير الى أن كوريا الشمالية لن تنهار أو تختفي. ولا تجاهلها أو استرضائها سيجعلها تختفي أو يروضها. وانها لا تشكل في المقام الأول مشكلة للصين، وللولايات المتحدة الأميركية، وللأمم المتحدة، وغيرها. اضافة الى ذلك، تعنى أولاً في هذه القضية كوريا الجنوبية، وان محاولة دفع كوريا الشمالية نحو الانهيار سيكون مكلفًا، ومزعجًا على الصعيد المحلي، ومضيعًا للوقت، ومتعبًا اجتماعيًا.

قد نجح مفهوم "الصمود بشدة" للاطاحة بالاتحاد السوفياتي حتى ولو اتخذ 40 عامًا، ويمكن لهذا المفهوم أن ينجح هنا أيضًا.


المصدر: The National Interest
الكاتب: روبرت كيلي
ترجمة: كريستل الشدياق ولاميس رياشي – الديار
 

أضف تعليق
تغيير الصورة
تعليقات الزوار