في كتابه الجديد «نار وغضب داخل البيت الأبيض»، لم يقتصر مؤلفه مايكل وولف على استعراض تصورات ترامب وتحركاته السياسية، بل وتحدث عن غرائب سلوكه ومخاوفه بعد انتقاله إلى البيت الأبيض.
ووفقا للكتاب، فإن ترامب فرض قواعد صارمة على موظفي البيت الأبيض، مصرا على عدم لمس أي من أغراضه الشخصية، وخاصة فرشاة الأسنان. ومن المعتقد أن الرئيس يفضل أن تبقى أشياؤه حيث تركها، حتى لو كانت ملابس متسخة على الأرض.
هذه القواعد، وفقا لوولف، ترجع إلى مخاوفه من التسمم.
كان لديه خوف منذ فترة طويلة من التسمم، وهو أحد الأسباب التي كان يعجبه تناول الأكل في ماكدونالدز، إذ لا أحد يعرف أنه كان قادما، فلا شك في أن الطعام المطبوخ هناك سلفا آمن.
ويزعم وولف أن ترامب وجد البيت الأبيض مكانا ثقيلا بل ومخيفا بعض الشيء.
لقد اعتزل إلى غرفة نوم خاصة به، وهي المرة الأولى في تاريخ البيت الأبيض منذ (الرئيس جون كنيدي) التي يكون فيها للرئيس وزوجته غرفتا نوم منفصلتان. وفي الأيام الأولى، طلب إقامة شاشتين تلفزيونيتين بالإضافة إلى الشاشة الموجودة هناك، كما طلب تركيب قفل لبابه، ما أسفر عن مشادة قصيرة مع عناصر حرسه، الذين أصروا على الاحتفاظ بإمكانية الوصول إلى الغرفة.
وبحسب أحد المراقبين، فإن ترامب قضى الجزء الأكبر من حياته وفقا لقواعده الخاصة، بصفته تاجرا عقاريا كبيرا تسمح له ثروته باستيعاب كل نزوة أو خصوصية. فكان لا محال أن يكون أمرا صادما له ضرورة التكيف مع البيت الأبيض، الذي وصفه بيل كلينتون بأنه «جوهرة التاج لنظام السجون الاتحادي»، في حين سماه هاري ترومان بـ«السجن الأبيض الكبير».
صحيفة «غارديان البريطانية»
كما ذكرت صحيفة غارديان البريطانية عن الكتاب بانه «أكثر من عمل صحفي، وأقل من كتاب تاريخ» هكذا وصفت صحيفة غارديان البريطانية امس في افتتاحيتها كتاب مايكل وولف الجديد «نار وغضب» الذي يراه مراقبون بمثابة وثيقة جديدة في ملف التشكيك برئاسة دونالد ترامب، وذلك قبيل أيام من احتفاله بعامه الأول في البيت الأبيض.
والكتاب الذي يقول مؤلفه إنه خلاصة مقابلات أجريت مع مئتي شخصية أثار غضب ترامب الذي هاجمه بضراوة ووصفه بأنه مليء بالأكاذيب، ووصفته متحدثة باسم البيت الأبيض بأنه مجرد «تجميع لقمامة الصحافة الصفراء».
وسجل ترامب سابقة عندما حاول عبر محاميه منع نشر الكتاب، حيث وجه إنذارا للمؤلف ودار النشر، وأدى ذلك لطرح الكتاب في الأسواق بعد أن كان مقررا طرحه غداً الثلثاء.
واعتبر وولف في مقابلة مع شبكة «أن بي سي» أن هجوم ترامب على الكتاب منحه دعاية كبيرة له، حيث نفد بسرعة من منافذ البيع في الولايات المتحدة وتصدر قائمة الأكثر مبيعا في المتجر الإلكتروني «أمازون».
وأبرز ما يركز عليه الكتاب هو أهلية ترامب لمنصب الرئاسة، حيث يركز على ما يصفه بالخلل في عمل الرئاسة الأميركية وتصرفات الرئيس الذي لا يحب القراءة أبدا، وينعزل داخل غرفته ابتداء من الساعة 30:18 ليتسمر أمام ثلاثة أجهزة تلفزيونية. وقال وولف إن كل المحيطين بترمب يتساءلون عن قدرته على الحكم، وأضاف أنهم «يقولون عنه إنه كالطفل، وإنه لا بد من إرضائه سريعا، وإن كل الأمور يجب أن تجري حوله».
وكان السيناتور الجمهوري جون ماكين وصف قبل فترة ترامب بأنه «متهور وغير مطلع»، في حين قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كوركر «أعرف من مصدر موثوق أن الجميع يعملون كل يوم في البيت الأبيض على إيجاد الطريقة الفضلى لاستيعابه».
ويبدو أن الأهلية العقلية لترامب - والتي ركز عليها الكتاب - لم تعد من المحرمات داخل الكونغرس كما كان الأمر حتى الآن، حيث قام نحو عشرة نواب ديموقراطيين مع جمهوري واحد باستشارة طبيبة نفسية من جامعة ييل في كانون الأول الماضي بشأن حالة ترمب العقلية، وتتساءل هذه الطبيبة علنا عن الأهلية العقلية له.
الجانب الآخر الذي يكشفه الكتاب كان نموذجا مما يمكن وصفه بـ «الحرائق» التي ساهم ترامب في إشعالها خلال عامه الأول، فالكتاب يكشف معطيات جديدة أحاطت بزيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية في أيار الماضي، حيث جاء فيه أن ترامب أبلغ المحيطين به أن الرياض ستمول وجودا عسكريا أميركيا جديدا في السعودية ليحل محل القيادة الأميركية الموجودة في قطر. كما تجاهل ترامب نصيحة فريقه للسياسة الخارجية وتحداها خلال وجوده في الرياض عندما منح السعودية موافقته على ممارسة البلطجة على قطر.
وأشار الكتاب إلى أن ترامب أبلغ أصدقاءه بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد أنه هو وصهره جاريد كوشنر قاما بهندسة انقلاب سعودي بالقول «لقد وضعنا الرجل الذي يخصنا على القمة».
التدخل الروسي
وذهب معلقون أميركيون إلى اعتبار أن كتاب مايكل وولف ربما يقدم وثيقة مهمة في ملف التحقيقات التي يجريها السيناتور روبرت مولر عن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية التي أوصلت ترامب للبيت الأبيض.
وفي هذا الإطار، كان أبرز ما نقله الكتاب شهادة المستشار السابق لترامب ستيف بانون الذي يوصف أيضا بأنه «مهندس وصول ترامب للرئاسة»، حيث وصف الأخير اجتماع دونالد ترامب جونيور نجل الرئيس مع الروس بأنه «خيانة».
وأشار إلى أن «الروس عرضوا على نجل ترامب معلومات تدمر جهود المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الفوز بالانتخابات»، وبحسب وولف فإن ترامب شعر بالارتباك بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
وينقل الكتاب أيضا عن بانون أنه حذر ترامب من تعديل المادة الـ25 من الدستور الأميركي والتي تتيح لأعضاء حكومته إقالته من منصبه إذا رأوا أنه غير قادر على أداء واجباته.
عام ترامب الأول
يشار هنا إلى أن عام ترامب الأول كان مثيرا للجدل داخليا وخارجيا، حيث أثار الرئيس - ولا يزال - الجدل بين ساحات السياسة والقضاء في ما يتعلق بملف الهجرة، وفشل في تقويض ملف التأمين الصحي الذي طالما حاربه وهاجم مهندسه الرئيس السابق باراك أوباما، وواجه ترامب علاقة عدائية مع وسائل الإعلام التي بدأت منذ يومه الأول في البيت الأبيض.
وخارجيا، حول ترامب سياسة الولايات المتحدة إلى ما يصفها مراقبون بـ «سياسة تاجر العقارات» الذي يبحث عن مكاسب مقابل المساعدات الأميركية للعديد من الدول، وهو ما ظهر في تلويحه بوقف المساعدات عن دول صوتت ضد بلاده في الأمم المتحدة مؤخرا بسبب قرارها اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل.
ومؤخرا هدد بوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فضلا عن وقف مساعدات بلاده لباكستان الحليف الرئيس لواشنطن في ما توصف بالحرب على الإرهاب.