مرّة جديدة تفضح وحشية المحتل الإسرائيلي بوجه عائلة فلسطينية أصبحت أيقونة للمقاومة الشعبية في وجه من ينتهك ويغتصب ديارها وأراضيها ومن يسفك دماء الأبرياء الفلسطينيين. هي مشاهد الشجاعة تتكرر في بلدة النبي صالح، فالآباء يعتقلون والنساء يتظاهرن والأطفال يكسرون حواجز الخوف ويصرخون دفاعاً عن أرضهم وحقهم، فيرد الإحتلال بالخطف والضرب والتعنيف.
فلم تشفع قوات الإحتلال لإصابة محمد التميمي القاتلة في رأسه برصاصة مطاطية أطلقها الجنود الأسرائيليين عليه في كانون الأول 2017، ونزع أجزاء من جمجمته من ملاحقته واعتقاله والتحقيق معه، وكأن قدر عائلة التميمي المناضلة أن تواجه قساوة وانعدام وظلم ولا إنسانية المحتل.
محمد الشهيد الحي والطفل الشجاع، هو مثال عن أطفال فلسطين الذين تتفتّح حياتهم على حقيقة مُرّة؛ براهن الإحتلال تحاصر أرضهم، فلم يجد هؤلاء الأطفال غير الحجارة سلاحاً تستطيع اكفهم الصغيرة حمله ومواجهة دبابات العدو وبنادقه وآلياته الحربة، وأصبحت قائمة الأطفال الفلسطنين المعتقلين تتطول وتتزاحم فيها الأسماء.
وفي آخر إحصائية، أشارت وزارة الإعلام الفلسطينية إلى أنه ومنذ بداية عام 2018، استشهد 3 أطفال بإطلاق قوات الإحتلال الإسرائيلي النيران عليهم، كما اعتقل 52 طفلاً في كافة المحافظات، وفي خلال عام 2017، شنت قوات الإحتلال حملة شرسة على الأطفال الفلسطينيين اعتقلت خلالها 1620 طفلاً واستشهد 17.
وحين نتكلم عن عائلة التميمي لا يمكننا أن نغفل صوت عهد التميمي الحاضر بقوى في جميع المسيرات والإحتجاجات المتواصلة ضد قرار الرئيس الأميركي والإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولطالما شوهدت عهد وهي تواجه جنود الإحتلال بجسدها النحيف لتشكل دائما مصدر إزعاج للاحتلال.
ولا تخلو لافتة من صور الفتاة عهد التميمي في إحتجاجات قرية النبي صالح الواقعة شمال رام الله، ولا يبدو أن جنديًا من الإحتلال الإسرائيلي اقترب من منزلها، أو أحد أقاربها، دون أن ينال صفعة قوية من يدها الصغيرة، ولذلك استحقت تلك الشقراء أن توصف بـ«أيقونة المقاومة الشعبية في فلسطين».
وبالرغم من القيد أصبحت عهد مثالاً لكل فتاة عربية وفلسطنية ورمز للنضال،وكانت صفعة عهد للجندي الإسرائيلي أعادت الأمل للفلسطنيين.
واعتبر والد عهد التميمي باسم التميمي الذي كان معتقلاً في سجون الإحتلال لسنواتٍ عدّة، نضال طفلته هزيمة لإسرائيل في ظل إعتبار نفسه المسيطر الوحيد، وأكد أن عهد مستهدفة ليس لأنها صفعت الإسرائيلي بل لأنها فلسطينية أولاً واستطاعت أن تعبر بقوة عن رغبة الشعب الفلسطيني.
"لماذا لا نصنع من أنفسنا صلاح الدين ونحرر القدس".. كلمات قالتها الطفلة الفلسطينية المعتقلة عهد التميمي، فطفولة "عهد"، وأطفال فلسطين ليست كطفولة أقرانهم من أطفال العالم، وهم من ولدوا وكبروا وتفتحت عيونهم على حواجز الإحتلال، وجرائمه بحقهم، وحق عائلاتهم، وبحق كل شيء فلسطيني.
الآلاف من أطفال فلسطين الذين ماتوا دون أن تراهم الكاميرا أو تتداول بطولاتهم وسائل الإعلام، وحتماً لن تقف هنا، لأن أطفال فلسطين أثبتوا دوماً وقبل الكبار أنهم لن ينسوا ولن يتهاونوا في الدفاع عن حقهم وكرامتهم.
أطفال عائلة التميمي كقبلهم وبعهدم من أطفال فلسطين، بسالة لم تخلق إلّا من رحم القدس.