فلكي عراقي: ظاهرتان فلكيتان بسماء العراق في عام 2018
تاريخ النشر: 16/01/2018
فلكي عراقي: ظاهرتان فلكيتان بسماء العراق في عام 2018
فلكي عراقي: ظاهرتان فلكيتان بسماء العراق في عام 2018

عرف الإنسان ظاهرتي الكسوف والخسوف منذ ألاف السنين غير ان هذه الظواهر الفلكية كان الإنسان قديما ينسج حولها الأساطير والقصص الخيالية لقلة العلم والمعرفة ، حيث تمتلك كل حضارات العالم في تراثها الثقافي نصيبا من الأساطير المفسرة للظواهر السماوية ،وتشكل الشمس والأرض والقمر من وجهة نظر معينة منظومة ثلاثية، من أهم مظاهرها حادثتا الكسوف الشمسي والخسوف القمري، وهما تقعان بسبب مرور أحد الجرمين الأخيرين أمام الثاني عن هذا الموضوع التقت (وكالة عين العراق نيوز) الفلكي د. اسماعيل عبدالله اخلاطي الاستاذ في قسم الفيزياء / الجامعة المستنصرية الذي اشار الى ان الإنسان رصد ظاهرتي الكسوف والخسوف منذ القدم، حيث كثيراً ما كانت تثير الناس ظاهرتي الخسوف والكسوف نتيجة لغموضهما وطبيعتهما المثيرة للقلق، فكانتا بالنسبة للشعوب القديمة بمثابة قوى عظمى مسؤوله عن حدوث الفوضى الكونية ، فيتصورون أن هنالك حيوانات مخيفة تهاجم الشمس والقمر، ولإرهاب هؤلاء المهاجمين وإجبارهم على التراجع ظهرت عادة إصدار الأصوات والحركات عن طريق الصياح والضرب على الأجراس و الطبول. وانتهت تلك الأساطير بمعرفة الشعوب سبب حدوث هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر، حيث ان علماء الفلك في الوقت الحاضر يعلنون وبطريقة واضحة جداً ودقيقة أنه يمكن حساب بداية ونهاية ظاهرة الخسوف والكسوف في اقرب ثانية.

*متى تم التسجيل العلمي الدقيق لظاهرة الكسوف او الخسوف؟

- يرجع تاريخ أول تسجيل علمي للكسوف الشمسي إلى القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، عندما سجل العالم المسلم البيروني أول تصور للخسوف القمري والكسوف الشمسي في كتابه تحقيق ما للهند ردا على مزاعم وخرافات علماء الهند الذين قالوا عن التنين الذي يأكل قرص القمر فذكر: إن كسوف القمر أي خسوفه، إن هو إلا دخوله في الظل، وكسوف الشمس إن هو إلا ستر القمر للشمس عنا ، ولهذا لا يكون بدو الكسوف في القمر من جانب المغرب، ولا في الشمس من جانب المشرق، وقد يمتد من الأرض ظل مستطيل كامتداد ظل الشجرة مثلا، فإذا قل عرض القمر وهو في البرج السابع من الشمس ولم يكثر مقداره في شمال أو في جنوب فإن القمر يأتيها من جهة المغرب فيسترها ستر قطعة السحاب، ويختلف مقدار الستر في البقاع، ولأن ساتر القمر عظيم فإن ضوءه يضمحل عند انكساف نصفه، وساتر الشمس ليس بعظيم ولذلك يكون قوي الشعاع مع الكسوف. وبشكل عام، تشكل الشمس والأرض والقمر من وجهة نظر معينة منظومة ثلاثية، من أهم مظاهرها حادثتا الكسوف الشمسي والخسوف القمري، وهما تقعان بسبب مرور أحد الجرمين الأخيرين أمام الثاني. فالأرض والقمر جرمان عاتمان لا يسمحان بنفاذ أشعة الشمس عبرهما، وهذا يؤدي إلى تشكل ظل لهما يمتد بعيداً وراءهما في الفضاء. وإن مقايسات ظلال الكواكب والأقمار قضية يؤثر فيها كبر هذا الجرم او صغره.

*مالمقصود علميا" بالكسوف الشمسي؟ وماهي اسباب حدوثه؟ وماهي انواعه؟

- ان كلمة الكسوف (Solar Eclipse) تطلق على ظاهرة إخفاء جرم سماوي لجرم اخر خاصة الشمس أو قمر تابع لكوكب. تحدث عندما يتراصف كل من الشمس والقمر والأرض على خط واحد مع كون القمر في الوسط. بالمشاهدة من الأرض يظهر القمر أمام الشمس مما يؤدي الى كسوف (حجب) كامل أو جزئي لضوء الشمس بواسطة القمر. ويبدو وكأن جزء من الشمس قد أخذ أو أن الشمس قد أختفت فجأة بشكل كلي. وتحدث ظاهرة كسوف الشمس في بداية الشهر القمري أو نهايته عندما يحجب القمرُ ضوءَ الشمس عن الأرض، بمعدل خسوف القمر بنفسه لأن كل خسوف يرافقه كسوف إما قبله أو بعده بنصف شهر، ولكن كسوف الشمس لا يراه كل من تظهر عندهم الشمس لأن ظل القمر لا يمكنه أن يغطي كل وجه الأرض بسبب حجمه. ومع إدراك أن القمر والشمس يبدوان في الحجم نفسه تقريبا عند النظر إليهما من الأرض ؛ إلا أن الشمس تبدو أكثر اتساعا بمقدار نصف درجة فقط ، ويترتب على ذلك أنه عند مرور القمر أمام الشمس فإنه يكاد يحجبها كليا وتسمى هذه الظاهرة بكسوف الشمس ، وقد يُظَنُّ أن الكسوف يحدث مرة كل شهر ، وكذا خسوف القمر حينما تقع الأرض بينه وبين الشمس عند النصف الثاني من الشهر . والحقيقة إن الكسوف لا يحدث إلا نحو مرتين فقط في العام . والسبب في ذلك أن مدار القمر ومدار الأرض يقعان على مستويين مختلفين بمسافة مقدارها خمس درجات . وتتفاوت المسافة بين الصفر وخمس درجات من شهر إلى شهر . ورغم صغر هذه المسافة إلا أنها كفيلة بجعل القمر يمر أسفل أو أعلى من مستوى مدار الأرض في أغلب الأحوال مما يجنب الأرض وقوع ظاهرتي الكسوف أو الخسوف . ورغم أن وقوع الكسوف نادر فإنه لا يمكن مشاهدته في جميع حالات حدوثه من جميع الأماكن ، فاتساع ظل القمر يبلغ نحو 100 كيلو متر عند وصوله إلى سطح الأرض في حين يبلغ محيط الأرض نحو 40,000 كيلو متر ؛ فلا يغطي إذاً إلا مساحة محدودة جدا من سطح الأرض ، ولذا فاحتمال مشاهدة الكسوف من موقع معين بذاته على سطح الأرض تتحقق مرة كل بضع مئات من السنين . وتنقسم حالات الكسوف إلى ثلاث حالات ؛ كسوف كلي ، وكسوف حلقي ، وكسوف جزئي .

كسوف كل ويحدث عندما يصل ظل القمر إلى سطح الأرض وفي هذه الحالة ينكسف كامل قرص الشمس. ويحدث الكسوف الكلي في مناطق التقاء رأس مخروط ظل القمر بالأرض . ويتخذ الكسوف الكلي مساراً محدداً بسبب حركة الأرض والقمر. وفي الكسوف الكلي يصير النهار وكأنه ليل لاختفاء الشمس خلف القمر . وقد يشاهد الغلاف الفضائي المحيط بالشمس في هذه الحالة والمسمى الإكليل او الهالة وهذا لا يشاهد في الظروف الاعتيادية بسبب بريق شعاع الشمس

كسوف جزئي ويحدث في المناطق التي يسقط فيها شبه ظل القمر على سطح الأرض. وشبه ظل القمر في هذه الحالة هي المنطقة التي لا يرى كامل قرص الشمس منها أي أن قرص الشمس لن يشاهد كاملاً من هذه المناطق. وتزداد نسبة الكسوف الجزئي عند الاقتراب من منطقة (مسار) الكسوف الكلي. وفي هذه الحالة ينكسف جزء من قرص الشمس .

كسوف حلقي ويحدث عندما يكون القمر في نقطة بعيدة ما عن الأرض (لأن مسار القمر حول الأرض بيضاوي) فيكون قرص القمر أصغر من أن يحجب كامل قرص الشمس، وفي هذه الحالة لايصل رأس مخروط ظل القمر إلى سطح الأرض، فينكسف قرص الشمس من الوسط في المناطق التي تقع أسفل رأس المخروط. وحيث أن القمر لا يبقى في مداره دائما على المسافة نفسها من الأرض ، فينتج عن ذلك أن حجم القمر فيما يبدو للمشاهد من الأرض يكون أحيانا أكبر وأحيانا أصغر من وضعه المألوف . وكما أن المسافة بين الأرض والشمس ليست دائما ثابتة - لأن مدار القمر وأيضا مدار الأرض لا يمثل أيٌّ منهما دائرة مثالية - فيترتب على ذلك أنه عندما يحجب القمر الشمس فإنه يبدو أصغر قليلا منها لأنه لا يغطي وجه الشمس بالكامل ، فيظهر وجه الشمس وكأنه حلقة ذهبية محيطة بوجه أسود للقمر ؛ وتسمى هذه الحالة بالكسوف الحلقي. وبلا شك فإن الراصد الأرضي الذي يكون موقعه ليس في ممر ظل القمر المباشر فإنه سيشاهد كسوفا جزئيا للشمس.

* ما الفائدة العلمية لرصد ظاهرة الكسوف الشمسي؟

- الرصد العلمي لظاهرة الكسوف الشمسي بواسطة المراصد أمر مهم جداً ولاسيما عندما يمر مسار الكسوف على مناطق شاسعة، حيث توفر هذه المراصد الفلكية بيانات علمية لإجراء تحليلات مهمة من اجل الحصول على معلومات عن تأثير التغييرات الفيزيائية في الشمس على جو الأرض, وكذلك تساعد علماء الفلك في التنبؤ العلمي لحدوث الانفجارات الشمسية وإثرها على طقس الأرض، بالاضافة الى الكثير من المسائل الفلكية التي يمكن دراستها أثناء الكسوف الشمسي مثل دراسة تكوين الهالة الشمسية وانحناء الأشعة الضوئية التي تمر بالقرب من الشمس بسبب مجال جاذبية الشمس.

* ما خطورة النظر إلى قرص الشمس أثناء حدوث الكسوف الشمسي؟

- الفلكيين يحذرون دائماً من خطورة النظر إلى قرص الشمس أثناء الكسوف سواء كان كلياً او جزئياً، حيث يؤدي ذلك إلى دخول أشعة غير مرئية مثل الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء إلى شبكية العين والتي تؤدي إلى تلف في شبكية العين. ولمشاهدة كسوف الشمس دون إي تأثير على العين , ينصح باستخدام نظارات مزودة بفلاتر خاصة تسمح بمرور 1:10000 من ضوء الشمس بحيث تمنع دخول الأشعة المؤذية لعين الإنسان

* متى يحدث الخسوف القمري؟ وما هي أنواعه؟

- يحدث خسوف القمر (lunar eclipse) في منتصف الشهر القمري عندما تحجب الأرضُ ضوءَ الشمس أو جزءاً منه عن القمر، ويحدث بمعدل خسوفين لكل سنة. ويمكن رؤية الخسوف في المناطق التي يكون فيها القمر فوق الأفق. وللخسوف ثلاثة أنواع :

خسوف كلي ويحدث عندما يدخل القمر كله منطقة ظل الأرض، . وفي هذه الحالة ينخسف كامل قرص القمر.

خسوف جزئي ويحدث عندما يدخل جزء من القمر منطقة ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف جزء من قرص القمر.

خسوف شبه الظل ويحدث عندما يدخل القمر منطقة شبه الظل فقط، وفي هذه الحالة يصبح ضوء القمر باهتاً من دون أن ينخسف. ومنطقة شبه الظل هي المنطقة التي ينحجب فيها جزء من ضوء الشمس عن القمر أي أن المراقب للشمس من على سطح القمر يراها منكسفة جزئياً. ولا يصنف هذا النوع على أنه خسوف شرعي. إذن لكي يحدث الخسوف الكلي فإنه لابد أن يحدث الخسوفان السابقان. وفي بداية الخسوف الكلي فإن لون القمر يميل للحمرة بسبب الأشعة الحمراء التي لايمكن امتصاصها من أعلى الغلاف الجوي للأرض.

* ما هو سبب رؤية القمر في النهار احياناً؟

- كما هو معروف، ان يَدور القمر بنفس اتجاه دوران الأرض حول نفسها، ليكمل دورة عبر السماء كل شهر تقريباً ، أي أنه يتحرّك يومياً نحو الشرق. ففي بداية الشهر القمري فإننا دائماً ما نرى الهلال قريباً من الشمس، حيث يَغرب بعدها بقليل أو يُشرق قبلها بقليل، لكن تتغير مواعيد شروق وغروب القمر بسرعة على مدار الشهر، فيأخذ القمر بالابتعاد (ظاهرياً) عن الشمس متجهاً أكثر إلى الشرق. بما أن القمر يدور حول الأرض مرّة كل شهر تقريباً. فإنه يتحرك كل ساعة تقريباً مقدار قطره عبر السماء (والذي يُعادل نصف درجة)، أي 13.2 درجة في اليوم و92 درجة في الأسبوع، وهذا يَعني أن موعد غروبه يتأخر ساعة يومياً، وهذا كله يُمكن الاستفادة منه لتحديد مواعيد شروق وغروب القمر خلال الشهر، بحساب موعد شروقه في أول الشهر ثم التأخير حسب اليوم. لكن في حين أن القمر يتحرّك عبر السماء باتجاه الشرق، فإن السماء نفسها تتحرك باتجاه الغرب، لذلك فهو يَسير دائماً بعكس السماء، مما يَجعل المدة المتطلبة منه ليُتم دورة واحدة حول السماء هي 24 ساعة و50 دقيقة تقريباً بدلاً من 24 ساعة بالضبط، وهذا يتسبب بتأخر موعد غروبه من‏40‏ إلي‏50‏ دقيقة عن اليوم السابق‏,‏ تبعا لإختلاف كل من خطوط الطول والعرض‏.‏ (وهذا التأخر هو الذى يجعله يطلع أحيانا بالنهار ويمتد طلوعه إلى الليل أو العكس أى يطلع بآخر الليل ويمتد طلوعه إلى بداية النهار)

* لماذا لا يحدث الخسوف والكسوف كل شهر؟

- اما عن سبب عدم حدوث الخسوف والكسوف كل شهر قال اخلاطي عند بداية أو نهاية الشهر القمري فإن القمر يتوسط بين الأرض والشمس ولو كان القمر يدور في نفس مستوى دوران الأرض حول الشمس لكان الخسوف والكسوف يحدثان كل شهر، ولكن لأن مستوى دوران القمر حول الشمس يميل بزاوية مقدارها خمس درجات تقريباً. لذلك السبب لا يحدث الكسوف أو الخسوف إلا عندما تمر الشمس (بسبب دوران الأرض حول الشمس) في نقطة التقاء المستويين أو ما تسميان بالعقدتين. وتمر الشمس مرتين كل سنة فيهما. لذلك تحدث تلك الظاهرة بمعدل مرتين كل سنة مثل ظاهرة خسوف القمر.

وتسمى الفترة التي تبقى الشمس في العقدتين بفترة الخسوف والكسوف حيث تبقى في كل عقدة أكثر من شهر وهو ما يجعل كل كسوف شمس يرافقه على الأقل خسوف قمر إما قبله أو بعده بنصف شهر والعكس صحيح. وتستغرق الشمس فترة 346.62 يوم كي تعود إلى نفس العقدة وتلك الفترة تسمى السنة الكسوفية لذلك يتوقع بعد تلك الفترة أو نصفها حدوث خسوف وكسوف ما على سطح الأرض. وبسبب الفرق بين السنة الكسوفية والسنة الشمسية فإن القمر يعود إلى نفس النقطة التي يحدث فيها الخسوف أو الكسوف بعد 18 سنة و 11.3 يوم أو ما تسمى بدورة الساروس للقمر والتي اكتشفها البابليون في عصور قبل الميلاد.

* متى تحدث ظاهرتي الكسوف والخسوف هذا العام؟ وهل يمكن مشاهدتما في بلادنا؟

- اما عن حدوثهما هذا العام، وطبقاً للحسابات الفلكية فسيحدث اول كسوف جزئي للشمس يوم الخميس الموافق 15 شباط المقبل، أما الكسوف الجزئي الثاني فسيحدث يوم الجمعة الموافق 13 تموز القادم، اما الكسوف الجزئي الأخير في العام 2018 فسيحدث يوم السبت الموافق 11 آب المقبل، وسوف لن يتمكن سكان العراق و دول المنطقة العربية من رؤية هذه الكسوفات الجزئية الثلاثة.

أما بالنسبة للخسوف الكلي للقمر في 2018 فسيحدث اول خسوف يوم الأربعاء الموافق 31 كانون الثاني، وسوف يتمكن سكان العراق من رؤية مرحلة الخسوف الجزئي فقط ، وذلك بعد غروب شمس ذلك اليوم. اما الخسوف الكلي للقمر والذي سيتمكن سكان العراق والمنطقة العربية من رؤية جميع مراحل هذا الخسوف من بدايته إلى نهايته. وهذا الخسوف الكلي للقمر سوف يحدث بأذن الله تعالى يوم الجمعة الموافق 27 من شهر تموز القادم.انتهى 1

 

تم طباعة هذا المقال من موقع راديو بانوراما (panoramafm.ps)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)