قضية خاشقجي والصمت الإسرائيلي
تاريخ النشر: 24/10/2018
قضية خاشقجي والصمت الإسرائيلي
قضية خاشقجي والصمت الإسرائيلي


تناول الصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الأمنية والاستخبارية، رونين بيرغمان، الصمت الإسرائيلي البارز حيال قضية خاشقجي، والذي أرجعه إلى أبعاد القضية وتورط ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فيها، بما ينعكس على كون السعودية مركبا مركزيا في الرؤية الإسرائيلية والأميركية للشرق الأوسط.

وفي مقالته، في صحيفة "يديعوت أحرونوت" اليوم الأربعاء، بنصح بن سلمان بأن يتشاور مع ذوي الخبرة في الاغتيال قبل تنفيذ الاغتيال القادم، كي لا يتكرر الإخفاق، ويشير إلى أن الدائرة الاستخبارية المحيطة ببن سلمان المتورطة بعملية الاغتيال، وعلى رأسهم أحمد العسيري، كانوا المسؤولين عن تواصل مع الأجهزة الاستخبارية "الأجنبية"، بما فيها إسرائيل.

بعد أن نقل عن مصدر استخباري إسرائيلي كبير قوله "ليت الأتراك أبدوا مثل هذا الحزم في جمع المعلومات والتحقيقات ضد حركة حماس وكبار ممثليها هناك مثلما فعلوا تجاه قتلة الصحفي جمال خاشقجي"، كتب أن تركيا تحولت في السنوات الثماني الأخيرة، بحسب كثيرين في الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية، من "شريك استخباري فعال إلى مغمضة العينين في أحسن الأحوال، وإلى شريك بالصمت في الإرهاب ضد إسرائيل، في أسوأ الأحوال".



كما اشار إلى أن صعود رجب طيب إردوغان إلى السلطة في تركيا ضرب التعاون الاستخباري بين الطرفين، وانقطعت الاتصالات الاستخبارية بين الطرفين على أعلى المستويات.

وكتب أنه منذ مقتل خاشقجي اندفع الأتراك للتحقيق في عملية الاغتيال الرهيبة والفاشلة والمرعبة، مضيفا أن الأدلة التي كشف عنها في الأيام الأخيرة تثير التساؤلات: "هل كان السعوديون هواة أم متغطرسين؟ وعدا عن حقيقة أن العملية نفذت داخل قنصلية بلادهم، بينما كان يفترض أن يتوقعوا أنهم تحت المراقبة، فقد وقعوا في الكثير من الأخطاء التي من الصعب تصديق أن عناصر استخبارات كانوا متورطين بها. فصحيفة "نيويورك تايمز تمكنت بسهولة من إجراء ملاءمة تامة بين جزء من فريق الاغتيال وبين من كان يحيط بولي العهد السعودي. فكيف حصل وأن أرسلوا هؤلاء العناصر بالذات والذي بمجرد تواجدهم في ساحة الجريمة يشكلون إدانة لبن سلمان؟ كيف يمكن أنهم لم يلاحظوا وجود طائرات مسيرة فوقهم قبل توثيق قيامهم بحرق وثائق في ساحة القنصلية؟".



ويضيف أنه ربما يتمكن السعوديون من الخروج من المأزق، بسبب حماس الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإنجاز صفقة بقيمة مئات المليارات من الدولارات مع السعودية، وربما يتمكنوا من "إقناعه" بقبول روايتهم المزعومة.

ورغم ذلك، يتابع، فإن السعودية، وخاصة محمد بن سلمان، تلقى ضربة قاسية، وسيكون لها أبعاد على الشرق الأوسط كله، بما في ذلك الدولة التي برزت بصمتها، وهي إسرائيل.

ولفت في هذا السياق إلى أن نتنياهو كان قد تحدث، هذا الأسبوع، عن حرية التعبير، ولكنه توقف عند مدخل السعودية، مثلما فعل بشأن التدخل الروسي في الحرب الدائرة في سورية.

وبحسب بيرغمان، من الممكن محاولة تفسير ذلك على المستوى التكتيكي، حيث أن ما نشر عن حوار بين إسرائيل والسعودية ليس صحيحا، ولكن من الممكن أن يكون عناصر المخابرات السعودية الذين اعتقلوا أو سيجري التحقيق معهم والمقربون من بن سلمان هم الذين يدفعون بالعلاقات الاستخبارية بين ولي العهد والدول الأجنبية، وعلى رأسهم نائب رئيس المخابرات، أحمد العسيري، والذي قد يكون أول من يدفع ثمن الإخفاق في إسطنبول.

وتابع أن الأبعاد الواسعة لعملية الاغتيال ستكون ملموسة في كل المنطقة. فالسعودية في ظل بن سلمان تشكل مركبا مركزيا في الرؤية الجديدة للشرق الأوسط بالنسبة لزعماء، مثل ترامب ونتنياهو. وفي مركزه "المحور السني المعتدل" الذي يدفع، بالتعاون مع إسرائيل وبدعم أميركي، بخطاب موجه ضد إيران وحزب الله أساسا.

وكتب أيضا أن بن سلمان دفع بهذه الرؤية للشرق الأوسط، ولكن "أجنحته باتت مقصوصة، إذا بقي في منصبه، كما أن قدراته على مواصلة هذه العمليات السرية، وتكريس أجهزته الاستخبارية وموارده الضخمة ضد إيران والقوى الموالية لها سوف تتضرر كثيرا".

وينهي بالقول إن ترامب لم يعد يستطيع أن يقدم لبن سلمان الدعم التلقائي، ولذلك "نأمل أنه عندما يسعى مرة أخرى لاغتيال أناس (نفترض أنهم حرس الثورة الإيرانية) أن يفعل ذلك بالتشاور مع من لديه تجربة بهذا الشأن". 

تم طباعة هذا المقال من موقع راديو بانوراما (panoramafm.ps)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)