هناك في اسرائيل من يحذّر تل أبيب من خوض الحرب
تاريخ النشر: 01/02/2019
هناك في اسرائيل من يحذّر تل أبيب من خوض الحرب
هناك في اسرائيل من يحذّر تل أبيب من خوض الحرب

هناك في اسرائيل من يحذّر تل أبيب من خوض الحرب

عباس ضاهر
بدأ ​النقاش​ بين ال​اسرائيل​يين يدور حول جدوى أي حرب محتملة مع ​سوريا​ أو ​إيران​ أو ​لبنان​. يتعدى التباين الاصطفافات ال​إسرائيل​يّة التقليديّة الموزّعة بين يسار ويمين ومتطرفين، الى الغوص في السيناريوهات الناتجة عن الحرب مع أيّ من الدول المذكورة. لم تعد اسرائيل هي ذاتها، التي كان يتجنّد فيها الأفراد والأحزاب في أيّ معركة عسكريّة، وتذوب فيها الاصطفافات في زمن المعارك. تغيّر زمن مؤسسي الكيان، من سنوات الاحتلالات المفتوحة، حيث لا حدود مرسومة لاسرائيل، الى مرحلة بناء الجدران، والدعوة الى اعتماد السبل السياسية، والتوسط الدولي لعدم الدخول في الحروب خشية من نتائجها.

فماذا يجري اليوم؟.



ما إن لاحت الحرب على الحدود الشمالية لإسرائيل، حتى خرجت الأصوات، تحذّر من خوضها، تحت عنوان: لا دخل للاسرائيليين بها. هم يعتبرون أن الحرب ضد ​ايران​ ستكون بتكليف من دول عربيّة، “تحثّ ​تل ابيب​ على القتال ضد ​طهران​ ومصالحها بدلا منها”. يقول الكتّاب الاسرائيليون البارزون في ​الصحافة​ العبريّة: لعلنا نكون قد تورطنا منذ الان بوعود كهذه وغيرها تجاهها، كمرتزقة تقريبا. ولعلنا اتفقنا منذ الان في الشبابيك العالية جدّا، ولا سيما مع الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، على استراتيجيّة حيال ايران تلزمنا بالتصرّف بشكل عدوانيّ والتورّط، ولغير صالحنا، في حرب مبكرة جدا لعله ممكن الامتناع عنها اذا ما تصرفنا بشكل مختلف”.

هنا لا يعكس الإسرائيليون خوفا من تحول دولتهم الى أداة بيد الآخرين، بل يرون في الحرب ضد إيران فشلاً متوقعا. لأنّ الجمهورية الاسلامية قادرة على تحريك الجبهات ضد الاسرائيليين شمالا وجنوبا، من دون ان تطال اراضيها مخاطر تُذكر. علمًا أنّ الحصار والعقوبات على ايران لم تزدها الا قوّة ذاتية، ولم تكسر نفوذها، لا في سوريا، ولا ​العراق​، ولا لبنان، ولا ​اليمن​، ولا ​فلسطين​. فالحرب العسكريّة التي تشنّها اسرائيل ترصّ صفوف الشعوب، معنوياً على الأقل، خلف ايران، وتضيّق الفواصل الطائفيّة والمذهبيّة بينها وبين شعوب المنطقة: عرب وأتراك. ولذلك يزداد الحذر الاسرائيلي عند الرافضين لأي حرب ضد مصالح ونفوذ ايران، الى درجة ان الصحافة العبريّة باتت تستخدم مصطلحات لافتة، فترى أنّ اسرائيل “تتصرف بعدوانيّة مغرورة وخطيرة، في نفس الوقت الذي لا توجد فيه في الجبهات الشماليّة نشاطات حربيّة فوريّة ضدنا–بخلاف الجبهة الغزية مثلا”.

لم يكتف الاسرائيليون بالتوصيف المذكور، بل تطرقوا الى الفوائد المعدومة جرّاء الخيارات الحربيّة، مقابل خيارات سياسيّة ودبلوماسيّة ممكنة، من خلال التوسّط عبر روسيا. لكن سبق أن حاول رئيس ​الحكومة الاسرائيلية​ ​بنيامين نتانياهو​ سلوك طريق الدبلوماسية وزار موسكو، من دون الوصول الى نتائج تريدها ​تل أبيب​ في سوريا تحديدا. علما ان الاصوات المعترضة على الحرب، ترى وجوب تخفيض سقف الشروط الاسرائيليّة التي قدمها نتانياهو للروس، لاجبار إيران على ترك المساحة القريبة من إسرائيل، والابتعاد أكثر من مئة كيلومتر عن ​الجولان​، ومنع طهران وحلفائها وتحديدا “​حزب الله​” من البقاء في سوريا، وعدم تزويده ب​السلاح​ المتوسط والثقيل. ما اراده نتانياهو هو استسلام محور تقوده ايران. وهذا ما رفضه الايرانيون بشدة. فليجرّب الاسرائيليون الوسائل العسكرية.

يشك خبراء عسكريّون بإمكانيّة تحقيق أي نتيجة اسرائيلية جرّاء الحرب ضد ايران، لأنّ تل ابيب ستحصد ما حصل عام 2006 ضدّ لبنان. قد تكون المفاجآت المرتقبة أكثر إيلاماً على تلّ أبيب، بعد تطور سلاح وخبرات الذين يواجهونها. من هنا يقلق معظم الاسرائيليين. ويجدون الوسائل السياسيّة هي الحل. 

تم طباعة هذا المقال من موقع راديو بانوراما (panoramafm.ps)

© جميع الحقوق محفوظة

(طباعة)